إدارة الموارد البشرية : مبادئ ونصائح

 

تطوَّر قسم إدارة الموارد البشرية من وظيفةٍ إداريَّةٍ تقليديَّة ليصبحَ عنصرًا استراتيجيًّا لا يتجزأُ من الشركات في جميع أنحاء العالم. فكما مكان العمل، تستمر الموارد البشريَّة بالتَّطور والمهارات المطلوبة بالتَّغيُّر في حين أصبحت الموهبة من أهم ما قد تملك في الاقتصاد المعرفي. ويتمثل التحدي في العثور على المواهب المناسبة والاحتفاظ بها في الشَّركة.

أي شخص جديد في مجال إدارة شؤون الموظفين أو يرغب في تجديد مهاراته في ما يتعلق بتنمية إدارة الموارد البشرية عمومًا قد يستفيد من هذه المدونة، على سبيل المثال: الخريجون الجدد، اختصاصيو موارد بشرية، اختصاصيو تعليم وتطوير، مديرو موارد بشرية.

أنشِطة إدارة المواردالبشرية

إكتشف المجالات الوظيفيَّة الخمس المرتبطة بالإدارة الفعالة للموارد البشرية. تتألَّفُ إدارة الموارد البشرية من عمليَّة توظيفٍ وتطويرٍ للموظفين كي يصبحوا أكثر قيمة للشَّركة. وفي يومنا هذا، تواجه أقسام الموارد البشرية صعوبات مختلفة بدءاً من القوى العاملة المتغيرة باستمرار وصولاً إلى القوانين الحكومية السائدة والتغيّرات التقنية والظروف الاقتصادية.

إليك خمسة مجالاتٍ وظيفيَّة يجب أن تكون جزءاً من إدارة فعالة للموارد البشرية:

  1. التوظيف: وذلك لِضمان أن الشركة تضم العدد المناسب من الموظفين الذين يملكون المهارات المناسبة ويشغلون الوظائف المناسبة في الوقت المناسب لتحقيق أهداف الشركة. تنطوي عملية التوظيف على تحليل الوظيفة، وتخطيط الموارد البشرية، واستقطاب الموظفين والاختيار.
  2. تنمية المواهب: تتألف من التَّدريب والتَّطوير، والتخطيط الوظيفي، وتطوير الشركة، وإدارة الأداء وتقييمه.
  3. التعويض: يشمل الأجر الذي يحصل عليه الأفراد نتيجةً لعملهم ويتألف من التعويض المالي المباشر وغير المباشر فضلاً عن التعويض غير المالي.
  4. السلامة: حماية الموظفين من الإصابات الناجمة عن حوادث العمل لأن الموظفين الذين يعملون في بيئة عملٍ آمنة ويتمتعون بصحة جيدة هم أكثر إنتاجاً.
  5. علاقات العمل: في البلدان التي يفرض فيها القانون على الشركات الاعتراف بالاتحاد العمالي والاتفاق معه بحسن نية في حال أرادَ موظفو الشركة أن يمثِّلهم الاتحاد.

لقد تطوّر دور مديري الموارد البشرية على مر السنوات ليصبح دوراً استراتيجياً في حين أصبحت الموهبة الأكثر أهمية في أي شركة. وبالتّالي، أصبح على ممارسات الموارد البشرية الجيدة أن تخضعَ إلى المراجعة والتعديل باستمرار لتلبية الاحتياجات المتغيرة لبيئة العمل ذات الوتيرة السريعة.

تذكّر دائماً أنه كي تربح في سوق العمل عليك أولاً أن تربح في مكان العمل!

خطوات التَّوظيف

التوظيف هو عملية ملء منصب في شركة بالمرشح الأكثر أهليَّة وملاءمة لخلق تأثير إيجابي على فعالية الشركة. ستحتاج كل شركة في طور النمو إلى تعيين موظفين، لذا من الضروري أن يتم التوظيف بالشكل الصحيح.

إليك 3 خطوات يجب اتباعها عند التوظيف:

  1.  تحليل الوظيفة: لتحديد المهارات والواجبات والمعلومات اللازمة لأداء الوظائف المختلفة في الشركة.
  2.  تخطيط الموارد البشرية: لمطابقة العرض الداخلي والخارجي للأشخاص مع فرص العمل المتوقعة في الشركة خلال فترة محددة من الزمن.
  3. الاستقطاب والاختيار: من خلال استقطاب الأفراد في الوقت المناسب، بأعداد كافية ومع المؤهلات المناسبة ومن ثم اختيار الفرد الأفضل للمنصب المحدد وللشركة من بين مجموعة من مقدمي الطلبات.

إنّ إيجاد الموظف المناسب في الوقت المناسب للوظيفة المناسبة عمليَّةٌ أساسيَّةٌ لأي شركة في أي مرحلة من تطورها، واختيار الشخص الخطأ لأي وظيفة قد يكون مكلفاً للشركة. لذا هدفنا هو مطابقة الشخص الصحيح مع الوظيفة الملائمة بالشكل السليم.

من أجل توفير الوقت والمال والتوتر احرص دائماً أن توظِّف بشكلٍ جيِّدٍ عبر اتباع هذه الخطوات الثلاث!

وظائف تنمية إدارة المواردالبشرية

يقوم تطوير الموارد البشرية على تدريب الموظفين وتطويرهم بهدف تحسين مستوى أدائهم في الشركة. خاصَّةً أنَّ متطلبات العمل تتغير باستمرارٍ، لذا يجب تطوير الموظفين في الشركة بشكل دائم كي يتماشوا مع احتياجات العمل.

إليك 4 وظائف أساسية لتطوير الموارد البشرية في أي شركة:

  1.  التدريب والتطوير: أي جوهر الجهد المستمر لتحسين مهارات الموظفين ومعرفتهم وأدائهم في الشركة. التدريب هو تزويد الموظفين بالمعرفة والمهارات المطلوبة لوظائفهم الحالية بينما التطوير هو التعلّم أبعد من وظيفة اليوم. يجب تحضير الموظفين للتعاون مع الشركة بينما تتغير وتنمو.
  2.  إدارة الأداء وتقييمه: إدارة الأداء عملية موجهة نحو هدف تُستخدم لزيادة إنتاجية الموظفين والفِرق والشركة بأكملها إلى أقصى حد، أمّا تقييم الأداء فهو نظام رسمي لمراجعة أداء الفرد والفريق وتقييمه.
  3. التخطيط والتطوير الوظيفي: هذه عمليَّة متواصلة يرسم فيها الفرد أهداف الوظيفة ويحدد الوسائل اللازمة لتحقيقها. أّما التطوير الوظيفي، فهو نهج رسمي تستخدمه الشركة للحرص على أنّ الموظفين الذين يتمتعون بالمؤهلات والخبرات المناسبة متاحون للترقية أو إعادة التعيين عند الحاجة.
  4.  تطوير الشركة: هي محاولة مخططة ومنهجية لجعل الشركة أكثر فعالية من خلال خلق بيئة سلوكية أكثر إيجابية.

يجب أن ينطوي تطوير الموارد البشرية على تدريب الموظف (ة) بعد تعيينه (ها) بغية تأمين فرص لتعلّم مهارات جديدة، وتوزيع الموارد المفيدة بين مهام الموظف وأنشطة تطويرية أخرى.

تذكّر أنه ما من شيء أسوأ من تدريب الموظفين وخسارتهم بدلاً من تدريبهم وإبقائهم في الشركة. غيّر تفكيرك وانظر إلى الأمام.

تعويضات الموظَّفين

التعويض هو مجموع كل الأجور التي يحصل عليها الموظفون مقابل خدماتهم. إن الأهداف الشاملة للتعويض هي استقطاب الموظفين والاحتفاظ بهم وتحفيزهم.

إليك ثلاثة أنواع رئيسية من التعويضات:

  1.  التعويض المالي المباشر: يتألف التعويض من المبلغ الذي يحصل عليه الموظف بشكل أجور، ورواتب، وعمولات وعلاوات.
  2.  التعويض المالي غير المباشر: يتألف من كل المكافآت المالية التي لا تدخل ضمن التعويض المالي المباشر مثل التأمين الصحي.
  3.  التعويض غير المالي: يتألف من الرضا الذي يحصل عليه الموظف من الوظيفة أو من بيئة العمل والمرونة في مكان العمل مثل أن يكون موقف سيارته إلى جانب موقف سيارة المدير التنفيذي.

لتحديد التعويض يجب على كل شركة وضع برنامجها الخاص للتعويضات. يخلق برنامج التعويضات الجيد توازناً بين الرواتب والمزايا والمكافآت، الأمر الذي يساعد الشركة على اكتساب ميزة تنافسية في سوق العمل الحالي والاحتفاظ بالمواهب وتحفيز الموظفين.

وقال إيان هاتشينسون، مؤلف كتاب بيبل غلو، “العملاء الأوائل لديك هم الناس العاملون عندك. اعتنِ بالموظفين أولاً والعملاء آخراً”.

رفاهية مكان العمل

ترتبط الرفاهية في مكان العمل بمدى دعم بيئة عمل الموظفين كي يكونوا آمنين، بصحة جيدة، راضين ومنخرطين في العمل وهذه هي الجوانب الرئيسية لمعايير الصحة والسلامة المهنية.

ثبت أن بيئة العمل الجيدة تزيد معدل الإنتاج لدى القوى العاملة بينما بيئة العمل السيئة تؤدي إلى تأثير سلبي على انخراط الموظفين والتزاماتهم.

إليك 4 اعتبارات لتحسين الرفاهية في مكان العمل:

  1.  اتخاذ تدابير السلامة التي تزيد نسبة الوعي في فريقك حول الممارسات الآمنة، وضمان عدم وجود أي مناطق خطرة في مكان عملك وتشجيع أفضل الممارسات المريحة.
  2.  خلق بيئة منفتحة حيث يتمتع الموظفون بالحرية الكاملة لتبادل أفكارهم وآرائهم واهتماماتهم دون الخوف من التوبيخ.
  3.  تشجيع التنوع في مكان العمل حيث يعمل معاً موظَّفون من مختلف الخلفيات والمعتقدات والأعمار والأجناس دون تفضيل فريق على آخر.
  4.  دعم الموظفين لتحقيق التوازن بين العمل والحياة والذي يتضمن ممارسات صحية مثل التمرين والتغذية، وكذلك الدعم للأهل مثل خدمات رعاية الأطفال وسياسات إجازة الأمومة / الأبوة.

يجب على مديري الموارد البشرية مراجعة هذه السياسات بانتظام لتكون متوافقة مع احتياجات الموظفين والمتطلبات المتغيرة للعمل. لذا، يمكن القول أنَّ خلق بيئة عمل جيدة تؤدي إلى إنتاجية وإبداع أكبر وغياب أقل، وهو استثمار يستحق بالفعل كل عناء.

بناء فريق العمل

من الصعبِ التكهُّنُ بالمستقبلِ في مجالِ الأعمال التجاريَّةِ. لذا، من الضروري أن تشكِّلَ فريقًا مناسبًا لمواجهةِ التَّحديات واستغلالِ الفُرصِ المُمكنة.

من أجلِ بناءِ فريقِك، عليكِ تطبيقُ هذه الاعتبارات الثلاثةِ الرئيسيَّةِ:

  1. وَظِّفْ الأشخاصَ المناسبين الذين يتماشون مع قيمِك وثقافتِك ومن يُشاركونك شغفَك لما تقومُ به.
  2. زدْ فُرصَ التَّنميةِ عبرَ تشجيعِ التَّناوبِ الوظيفي بين أعضاءِ الفريق والحصولِ على مشاريعَ خاصةٍ ومتابعةِ مشاريعَ جانبيةٍ وأخذِ مسؤوليةِ تعليمهم على عاتقِك.
  3. افصل سريعًا الموظفين الذين يتعارضُ سلوكُهم مع أهدافِك أو استراتيجيتِك. لا تَدَعْ الأمورَ تتباطأ حتّى لا تؤثِر بالآخرين.

عبرَ تطبيقِ هذه الاعتبارات الرّئيسيةِ وعبر مكافئةِ السلوكِ الحَسَنِ والأداءِ الجيّدِ (حتى ولو بتربيتٍ على الكتفِ)، ستضمنُ فريقًا متماسكًا يسيرُ في اتّجاهٍ واحدٍ.

تذكَّرْ، إنَّ الموهبة هي مصدرُ قوَّتِك الأهمّ. لذا قم بتغذيتها وإدارتها ومكافأتها!

نظريَّة هيرزبرغ التَّحفيزيَّة

يشمل التحفيز “العمليات التي تشكل قوة الفرد واتجاهه واستمرار جهوده لتحقيق هدف”. من أهم وأوّل نظريات التحفيز هي نظرية العاملين لهيرزبرغ. فقد سلّط الضوء على مكافأتين مهمتين لتحفيز فرقك:

  1.  المكافآت الداخلية المعروفة باسم “العوامل الدافعية”: عندما يكون الموظف راضياً، سيشعر بالفخر عند إنجاز مهمة معينة. تشمل المكافآت الداخلية الاعتراف، فرص النمو، الفرص الترويجية والمسؤولية التي ستخلق الرضا الوظيفي. دعا هيرزبرغ المكافآت الداخلية بالعوامل الدافعية لأنها تنقل الموظف من حالة عدم الرضا إلى حالة الرضا.
  2.  المكافآت الخارجية المعروفة باسم “العوامل الصحية”: إنها مكافآت يحصل عليها الموظف من الآخرين لأداء مهمة معينة مثل الراتب. وتشمل المكافآت الخارجية سياسة الشركة، وجودة الإشراف والأمن الوظيفي. ترتبط العوامل الخارجية بعدم الرضا الوظيفي. دعا هيرزبرغ المكافآت الخارجية بالعوامل الصحية لأنها تنقل الموظف من حالة عدم الرضا إلى غياب حالة عدم الرضا.

لكن ينبغي القول أن المدراء الذين يزيلون عوامل عدم الرضا الوظيفي لا يؤمنون بالضرورة التحفيز، فالموظفون لن يحققوا أي من الحالتين: الرضا أوغير الرضا. لذا، من أجل تحفيز الموظفين يجب على المدراء التشديد على عوامل المكافأة الداخلية التي ترتبط بالعمل نفسه أو بنتائج مستمدة منه مباشرة.

تذكّر أن “ما يشعر به موظفوك هو ما سيشعر به عملاؤك. إذا لم يشعر موظفوك بأنهم قيّمون فلن يشعر بذلك عملاؤك”، سيبيل ف. ستيرشيك:

Taking Care of the People Who Matter Most: A Guide to Employee-Customer Care

الذَّكاء العاطفي في إدارة الموارد البشرية

إكتشف نموذج دانيال جولمان الذي هو في الواقِعِ نموذجٌ وإطارُ عَمَلٍ يوضِحُ فكرةَ الذكاءِ العاطفي. ويتألًّفُ هذا النموذجُ من أربعةِ أقسامٍ.

يَتمحورُ الجزءُ الأول حولَ الوعي الذاتي، وما يعنيه ذلك هو نسبة وَعيي تجاه تَفاعُلي مع إحساسٍ مُعيَّنٍ أو حالةٍ معيَّنةٍ.  كيفَ أتصرَّفُ عندما يحدُثُ شيءٌ ما؟ أكان سلبيًّا أم إيجابيًّا؟ هل أنا سَعيد؟ هل أنا مُستاء؟ هل أنا قَلِق؟ ما هو الشعورُ الذي يُساوِرُني؟  هذا هو الوعي الذاتي الذي يبدأُ مع مِقدارِ ما أعرفه عن مَشاعري.

أمّا الجزءُ الثّاني فهو يتمَحورُ حولَ ضَبط الذّات، أي التَّحكُّم بما أفعلُ بمَشاعري. الآن أعرفُ بأنّي أشعرُ بالغَضًبِ، فماذا سأفعلُ حِيالَ ذلك؟ هل سأُتمكَّن من التَّحكمِ بغضبي أم سأُفرِغه كعُدوانيَّة على من حولي. هذا هو ضَبطُ النَّفس أو ما يحدُثُ في الجزءِ الأمامي من الدِّماغ الذي يتحكَّمُ ويُقرِّرُ كيفَ سأتصرَّفُ حِيالُ ذلك.

إذا كنتَ تُفكِّرُ كثيرًا عندما تُحاولُ ابتكارَ الأفكارِ، فأنتَ إذًا على الطريقِ الصَّحيحِ. فإنَّ هذا العادةُ مُلازمةٌ للإنسانِ بحيثُ أنَّها ترتكزُ على تحفيزِ الجزء الأمامي من الدِّماغ المسؤول عن التفكيرِ المنطِقي والعقلاني.

ويتحدَّثُ الجزءُ الثالثُ من النَّموذج عن الوعي الاجتماعي أي نِسبة وَعيي تجاه المُجتمع الذي يحيطُ بي. يُمكنني أن أسألَ نفسي ماذا أعرفُ عن الشَّخص الآخر؟ هل هو مُستاء؟ هل يشعرُ بالتَّحفيز أم يَفقدُه؟ هل هو سعيدٌ بما يفعلُه؟ إنَّ هذه الأسئلة تساعدُك على فهمِ مشاعرِ وعواطفِ الأشخاصِ من حولِكَ وذلكَ ما يُسَمّى بالوَعي الاجتماعي.

إنَّ جميع الأجزاء التي ذكرناها مُسبَقًا تعملُ في خدمةِ الجزْءِ الأخيرِ من النَّموذجِ وهو إدارةُ العلاقات. إذًا، يُساهمُ الوعي الذاتي وضبطُ النَّفسِ والوعي الاجتماعي في مُساعدتي على إدارةِ علاقاتي مع الآخرين بشكلٍ أفضلَ، وذلك يُشكِّلُ جوهرَ الذكاءِ العاطفيّ.

إذًا يمكنُ القولُ، كلَّما تمكَّنتُ من إتقانِ هذا النَّموذج والعملِ وِفقًا لأجزائِه الأربعِ، ازدادَ ذكائي العاطفي.

تنمية المواهب

أوَّلُ ما يجبُ أن يخطرَ في بالِكم هوَ أنني عندما أقولُ تطويرَ الأفراد فأنا أعني تطويرَ نفسي أيضًا. فحتّى إذا كان لا يعملُ معى سِوى شخصٍ واحدٍ، إلّأ أنَّنا معًا لا نزالُ نُشكِّلُ فريقًا. وهذا يُشبِهُ تمامًا الكفاءاتَ الرّئيسيَّةَ والقُدرات الأساسيَّة المَطلوبة لِأيِّ عملٍ تِجاريٍّ من أجلِ مُواصلةِ تحقيق التَّقدُّمِ والنُّموّ. حيث أنَّنا إذا توقَّفنا عن تنمِيةِ مهاراتِنا وتطويرِ قدراتنا نكونُ قد وضعْنا حدًّا لِنُموِّ أعمالِنا. فالعالمُ يتقدَّمُ بشكلٍ سريعٍ ويشهدُ تغيُّراتٍ على كافَّةِ الأصعدةِ، وإذا لم نستمِر في مُواكبةِ تلكَ التغيُّراتِ ومُتابعةِ أحدث التطوُّرات والابتكاراتِ وغيرِها من المُستجدّاتِ وكيفيَّةِ تطبيقِها، فإنَّنا لن ننجحَ في إدارةِ أعمالِنا وسينتهي بنا المَطافُ بِتَصفيَةِ تلكَ الأعمالِ في القريبِ العاجلِ. لذلك، فإنَّ التَّطويرَ المُستمرَّ أو تنميةَ المواهب يشكِّلُ عاملًا أساسيًّا لكَ ولأعمالِك للاستمرارِ في النُّموِّ وتحقيقِ النَّجاحاتِ.

إذًا، كيفَ يمكنُ تطبيقُ ذلكَ بشكلٍ فعليٍّ؟

تطويرُ الذّات وتطويرُ الآخرين: من البديهيّ أن تحتاجَ لتطويرِ ذاتِك قبل تطويرِ الآخرين، حيثُ أنَّنا لا نستطيعُ أن نمارسَ نشاطًا أو نعِظَ الآخرين للقيامِ بأعمالٍ لا نقومُ شخصيًّا بتطبيقِها في حياتِنا العمليَّة. على سبيلِ المِثالِ، لا يُمكنني التوجُّهُ إلى أحَدِ أعضاءِ فريقي بالقولِ -عليكَ أن تشاركَ ببرنامجِ التَّدريبِ هذا وأن تقرأَ الكتاب ذلك لأنَّكَ لا تملُك الدِّراية والمَعرفة الكافية عن هذه المَسألة- إذا كنتُ أنا نفسي لا أقومُ بِمثلِ هذه الأمورِ وبالتالي لم أبذلْ جُهدًا كافيًا لتطويرِ ذاتي وتنميةِ مَهاراتي. وهذا لا يُشكِّلُ عملًا يُحتذى به ولا يُمَثِّل تحديدًا نوعَ التَّعاون الذي أتناولُه في حديثي.

حسنًأ، سوف أتحدَّثُ الآن عن كيفيَّةِ تطبيقِ ما سَبَقَ وذكرته فهذا ما تحتاجُه فعليًّا. وأنا سوفَ أقومُ بتزويدِك بمزيدٍ من المَعلوماتِ والمَعرِفةِ من أجلِ تطبيقِ ذلك فعليًّا.

لا تزال العديدُ من المُنشآتِ والشَّرِكاتِ حتّى يومنا هذا تقع في فخِّ اتِّباعِ الطُّرقَ القديمةَ والتَّقليديَّةَ لِتطوير الأفراد. فالنّهجُ الذي تتَّبعُهُ هذه الشَّركات بإرسالِ الأفرادِ للمُشاركةِ في برامجَ تدريبيَّةٍ وحضورِ دوراتٍ  وبرامجَ عامَّةٍ مُعيَّنةٍ لا يشكِّلُ سوى 10% من طُرُقِ تطويرِ الأفرادِ بشكلٍ فعّالٍ. ولهذهِ الأسباب أُريدُ أن أعرِّفَكم بهذا النَّموذج الذي تمَّ استحداثُه والذي يُسَمّى ﺑِ “قاعدةِ 70، 20، 10″، وهيَ قاعدةٌ تمَّ وضعُها من قِبَلِ مركزٍ مُستحدَثٍ  بهدفِ تعريفنا نحنُ، الأفراد والشَّركات، بِكيفيَّةِ تطويرِ الأفراد الذين نُشرِفُ عليهِم بأفضلِ الطُّرُق. إذًا، فإنَّ نسبةَ 70%، أو لِنبدأ أوَّلًا بنسبةِ 10% التي تُمثِّلُ فعليًّا نسبةَ المُشاركةِ في برامجَ تدريبيَّةٍ هي تُشكِّلُ فعليًّا النِّسبةَ المِئويَّةَ التي تحتاجُها لِتطويرِ الأفرادِ، والتَّدريب يُشكِّلُ 10% فحسب، وهذا يختلِفُ تمامًا عمّا تقومُ بهِ الشَّركاتُ والمُؤسَّسات. ثُمَّ لدينا نسبة 20% للتَّدريبِ الفعليّ وتقديمِ المُلاحظات بناءً عليه، وهذا ما يجبُ أن تُطبِّقَه على نفسِك وعلى أعضاءِ فريقِك أو أن تحاولَ الحصولَ عليهِ من آخرين مثل زُمَلائِك أو زبائِنِك.  هذه هي نسبة 20% من الوَقتِ الذي تحتاجُه لِتطويرِ الأفرادِ بالتَّدريبِ والمُراقبةِ. وأخيرًا، تَبقى نسبةُ 70% التي تُشكِّلُ النِّسبةَ الأكبرَ من الوقتِ الذي تحتاجُه لِتطويرِ الأفرادِ. وتُمثِّلُ هذه النِّسبةُ الوقتَ المُستغرقَ للقيامِ بأنشطةٍ تطويريَّةٍ مُختلفةٍ، أذكرُ منها على سبيلِ المثالِ التَّدريب على رأسِ العملِ بِتولّي مشروعٍ جديدٍ يُشكِّلُ تَحَدٍّ بالنِّسبةٍ للفَردِ حيثُ إنَّهُ يتطلَّبُ بذلَ جهودٍ والتَّمتعَ بمهاراتٍ مُعيَّنةٍ وبالتَالي تعلُّم الدُّروسِ منها، بالإضافةِ إلى الاستفادةِ من خُبراتِ أشخاصٍ آخرين يعملون على مشاريعَ مُماثلةٍ يُمكنُ التَّعلُّمُ منها.

في مكانِ العَمَلِ، تتعلَّمُ كيفيَّةَ تصفُّحِ الإنترنت ومُحرٍّك غوغل وموقع يوتيوب بالإضافةِ إلى كيفيَّةِ القِيامِ بأُمورٍ أُخرى. فبِدونِ الجلوسِ في غرفةِ التَّدريبِ، أنتَ تقومُ فعليًّا بِتعلُّمِ أمورٍ مُختلفةٍ من خلالِ تأديةِ عملِكَ. ويمكنُ أن تحضرَ اجتماعًا أو أن تصحبَ معكَ أعضاءَ فريقِك َ لِحضورِ اجتماعٍ لِتَطويرِ الأعمالِ بهدفِ التَّعرُّفِ على مسارِ الأمورِ خارجَ المَكتب. إذًا، هذه هي بعضُ الأمور التي يُمكنُك القِيامُ بها إضافةً إلى نسبةِ 10% التي تُمثِّلُ التَّدريبَ الفِعلي في القاعةِ.

ولِتلخيصِ ما ناقشناهُ آنفًا في ما يتعلَّقُ بِتنميةِ المَواهبِ، يُمكنني القولُ بأنَّ الجوهرَ الأساسي يكمنُ في تطويرِ الذّات وتطويرِ الآخرين عبر “قاعدةِ 70، 20، 10 “. فالأمرُ لا يقضي بإنفاقَ الأموالِ على التَّدريبِ وإرسالِ الأفرادِ للمُشاركةِ في دوراتٍ تدريبيَّةٍ، إنَّما أنتَ بحاجةٍ أيضًا إلى التَّفاعلِ المُستمرِّ بينك وبين أعضاءِ فريقِك سواء أكان يتألَّفُ من شخصٍ واحدٍ أو أكثر بالإضافةِ إلى إنجازِ العديدِ من المَشاريعِ التي تستطيعُ أن تبني المَهارات في مجالِ عملِك.

إدارة فريق عمل مُتعدِّد الثَّقافات

إكتشف مفاتيح أساسية لإدارة فريق متعدد الثقافات بنجاح.

  1.  كن مرناً بمعاييرك، إذا رغبت في كسب الأشخاص عليك أن تكون مرناً.
  2.  لا تحكم مسبقاً على أساس السلوك المكرر، كن منفتحاً على فهم الآخرين لأن الأفراد يمنحونك ميزة إضافية كمدير يُعنى بالأشخاص.
  3.  لا تتسامح أبداً مع أي ملاحظات أو مزاح إثني أو عرقي، تذكر أن لكل فرد خلفية ويحق له الافتخار بها، وكل شخص هو الآن عضو قيّم في فريقك، لذا عاملهم جميعاً باحترام متساوٍ وسوف ترى نتائج سحرية.
  4.  كن مصغياً بامتياز، وأظهر للآخرين أنك تهتم لأمرهم فتوقف واستمع إليهم وخذ بعين الاعتبار الآراء التي تُقدّم إليك.
  5.  امنح كل عضو فرصة متساوية ليلمع، ويعلو، ويرتقي، ويتميز ويُكافأ. بهذه الطريقة تصبح الاختلافات في خلفياتهم أقل أهمية عن أنّ كل واحد منهم هو عضو في فريقك وتماماً مثل أصابع يدك، تحتاج إليهم جميعاً لانتزاع الفرص المتاحة أمام شركتك.

عندما تأخذ المفاتيح الخمسة في الاعتبار سوف تكون مجهّزاً بشكل أفضل لإدارة فريق متعدد الثقافات وتصبح قائداً متمكناً أكثر!

المهارات القياديَّة

يمكن للقائدِ النّاجحِ أن يكونَ هادئًا أو منطويًا أو اجتماعيًّا أو ذات شخصيّةٍ ساحرةٍ… لذا، يمكن لأيِّ شخصٍ أن يلعبَ دورَ القائدِ.

سأُقدِّمُ لكَ أربعُ نصائح قياديَّةٍ عمليَّةٍ يمكنُ لأيِّ شخصٍ أن يطبِّقَها:

  • كُن مثالًا يُحتَذى به. إنَّ الطريقةَ الفُضلى لجذبِ الآخرين هي بأن تفعلَ ما تطلبُ من الآخرينَ فِعلَهُ. نفِّذ ما تنصحُ به.
  • قُم بعملِك بشَغَفٍ. إذا لم تكن متحمِّسًا لعملِك فلا تتوقعْ أن تكون حافزًا للآخرين للقيامِ بذلك.
  • كُن صادقًا وتأكّد من أن تعكسَ شخصيّتَك والقيَمَ التي تمثّلُك. لا تحاولْ أن تكونَ ما لستَ عليه.
  • حدِّدْ منفعةَ العملِ مهما كان حجمُه.

إنَّ القيادةَ مهمّةٌ في العديدِ من الحالات، وباتبّاعِ هذه النَّصائحَ القياديّةِ وبكونِك مثالًا يُحتذى به وبالمحافظةِ على شغفِك وصدقِك، يمكنُكَ ضمانَ أنَّ الآخرينَ سيحذون حذوَك.

وكما قالَ جون ماكسويل، إنَّ القائدَ هو من يعرفُ المسارَ ويتبعَه ويُبيِّنه.

السِّمات الشَّخصيَّة

إكتشف العوامل الخمسة الكبرى للشخصية. الشخصية هي مجموع الطرق التي يردّ فيها الفرد ويتفاعل مع الآخرين. تشير إلى الاختلافات الفردية في الأنماط والتفكير، الشعور والتصرف. غالباً ما يتم وصفها من حيث السمات القابلة للقياس التي يظهرها الشخص مثل العدوانية، والخضوع، والخجل، والكسل، والخوف، والإخلاص والطموح. هناك العديد من العوامل المحددة للشخصية بما فيها الوراثة والعوامل البيئية والعمر.

عندما لا تتناسب شخصية الفرد مع الوظيفة، فإن الجميع يخسرون. لن يكون الفرد فقط غير سعيد بعدم ملاءمته للمنصب بل ستعاني الشركة أيضاً من الغياب المتزايد، الإنتاجية المنخفضة، الخلاف مع زملاء العمل وخسارة أي استثمار في التدريب عندما يغادر ذلك الشخص.

إليك نموذج العوامل الخمسة الكبرى للشخصية الذي يقيس أهم خمسة أبعاد لشخصيات الأفراد.

  1. الانبساطية: هي معدل المخالطة الاجتماعية لديك، هل أنت اجتماعي أم هادئ؟
  2. الطيبة أو المقبولية: هي معدل الود وإظهار التعاطف للآخرين.
  3. يقظة الضمير: إنها عامل أساسي للنجاح. تقيس معدل اهتمامك في حياتك وعملك، مثلاُ إذا كنت تضع أهدافاً على المدى الطويل وتلتزم بها. إذا كانت درجتها مرتفعة هذا يعني أنك منظم وتعرف كيف تخطط وتتبع خطتك. إذا كانت درجتها منخفضة هذا يعني أنك غير منظم.
  4. الاستقرار العاطفي: يقيس معدل مشاعرك. يشير إلى قدرتك على الحفاظ على هدوئك أو الاتزان عندما تواجهك ضغوطات أو توتر.
  5. الانفتاح على الخبرة: يقيس معدل الابتكار ورغبتك في المعرفة وخوض التجارب الجديدة.

إن فهم هذه الأبعاد يساعدك على فهم الأدوار التي تناسبك بشكل أفضل. ستتمكن من توظيف شخص مثالي للمنصب الذي تحاول ملأه.

تذكر أن المظهر الجميل سيستمر لبضع عقود ولكن الشخصية الجميلة ستبقى مدى الحياة.

 



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *